كان (ج) فتى وحيداً لعائلته التي كانت معروفةً في الأوساط الاجتماعية في مدينته، لذلك كان (ج) عرضة للضغوطات الاجتماعية بشكل دائم كي يتزوج وينجب أطفالاً يحملون اسم العائلة.
كانت معاناة (ج) مع مثليّته كبيرة، فحاول عدم الاختلاط بالمثليين كثيراً، ظناً منه أن ذلك سيجعل من تركه المثلية والزواج أمراً أسهل، برغم درجة تعليمه العالية ومطالعاته التي أكدت له أن مثليّته ليست أمراً قابلاً للتغيير.
لأنّ الحياة لا تخضع لمعادلات الرياضيات التي كان ضالعاً فيها، تغيّرت حياته، وانقلبت كل حساباته، عندما وقع في الحب، وتحوّلت أحلامه من محاولة إرضاء العائلة إلى محاولة البحث عن فرصة تُمَكّنه من كسر المألوف والبقاء مع حبيبه جُلّ الوقت، إن لم يكن كلّه.
“الحب غريب”، كما يقول (ج)، فقد بدت أعراض الحب تظهر على وجهه، وتتجلى في كل تحركاته، حتى أن والدته لاحظت علامات الحب عليه، وبدأت تلاحقه، دون أن يشعر، لتعرف لمن يدق قلب ابنها الوحيد.
كان معظم جهد (ج) يتجه نحو خلق الفرص للقاء حبيبه، دون ان يعير انتباهاً إلى محاولة إخفاء الأمر عن والدته، التي كثفت جهدها في ملاحقة ومتابعة ابنها، فهي لم تكن تريد له أن يتزوج فتاة من طائفةٍ أو شريحة اجتماعية مختلفة، فحاولت في أحد الأيام تفقد هاتفه المحمول، لتُفاجأ بكم رسائل الحبّ الذي تبادلها ابنه مع أحمد، الذي لم تعرفه أو تسمع به يوماً، لكنها حكمت عليه بأنه فاسد، يغري ابنها بأفعالٍ مشينة، يجب أن توقفها.
لم تألُ الأم جهداً، فذهبت إلى الكنيسة لتخبر الخوري بما كان يفعله ابنها، فما كان من الأخير إلا أن طلب منها إحضاره إلى مكتبه في الكنيسة في يوم وساعة حددتهما، وكان له الأمر الذي أراد.
في تلك الغرفة الضيقة، التي يجب أن يشعّ منها الحب، شعر (ج) بكمٍّ من الكراهية لم يكن يظنّ يوماً أنه سيشهد مثيلاً له، فقد بدا له ذلك الخوري، الذي ألف بشاشته، كرجلٍ تتطاير شرارات الغضب من عينيه، لتحرق (ج) بنيران الخوف، والعار.
لم يكتف الخوري بأن استدعى الأم وابنها، بل طلب أيضاً من أخيه، الطبيب النفسي، القدوم في ذلك اليوم، لبحث حالة (ج) وكيفية إخراجه منها. اقترح الأخ الطبيب طرقاً مختلفة للعلاج، تبدأ بجلسات المشاورة النفسية، وألمح أنها قد تصل إلى حد العلاج بالصدمات الكهربائية، لإخراج “الشرير” من جسد الفتى الذاهل من اتحاد جميع الآراء على شرّه وفساده.
كانت تهديدات الخوري واضحة وبدت تعليماته صارمة، ولم يجد (ج) بدّاً من الإذعان لها، فقد كان على وشك أن يخسر كلّ شيء، وكانت قصّة مثليّته على وشك الخروج للعلن، لكل من حوله، في ذلك المجتمع الضيّق الذي يريد أن يتسلى بتلقف قصص الآخرين وقضاء ساعات السمر في الحديث عنها.
لم يستمع الطبيب كثيراً لما أراد (ج) أن يقوله، فقد اكتفى بقول (ج) “ما حدا علمني شي، أنا لقيت حالي هيك”، ليقرّر بعد مشاورة أخيه ببدء العلاج بالصدمات الكهربائية، التي رافقتها في بعض الأحيان جلساتٌ من الصلوات التي تهدف إلى طرد الشرّير من جسد (ج) الذي أوهنه الخوف، واعتصره الألم.
أذعن (ج) للأوامر لاحقاً، وارتضى أن يتخذ لنفسه زوجة تختارها والدته بعد مشاورة الخوري، زوجة صالحة متدينة، تساعد (ج) في التخلص من الشرير، لكن دون أن يخبروها بما يأمره الشرير بفعله.
لا تزال نظرات الخوري نحو (ج) تحمل الكثير من الشك والحكم بالفجور عليه، ولا يزال عقل (ج) حبيس لحظات جلسات الصدمات الكهربائية، ولا تزال أصداء أصوات صلوات الخوري تصدع رأسه، ليقول بين الحين والآخر لأصدقائه، “أنا مش كافر، أنا خلقت هيك”.
سامي حموي
SyrianGayGuy@gmail.com
هذاحالنا جميعنا بالشرق الاوسط
حكاية كل شخص مثلي بالوطن العربي ، بس احيانا ما حدا يحكي بالموضوع او حتى يتعب حاله يسألك بيكفي الضغط اللي يمارسه عليك المجتمع مشان يجوزك مشان تعقل .