الحلقة المفقودة


في اتصال مع موالح، قالت لنا فتاة مثلية رفضت نشر اسمها “إن الحياة في بلدنا صعبةٌ على أية فتاة، بسبب الطريقة التي يتعاملون معنا بها في الشارع ووسائط النقل العامة… ولك أن تتخيلي ما وقع تلك المعاملة لدى فتاة مثليّة… سيصبح الأمر أشبه بالكابوس”، وتابعت قائلة، “كما أن الوضع محبط، لأنه لا يوجد مكان نجتمع فيه، أو موقع الكتروني تستطيع الفتيات استخدامه ليتعرفن إلى بعضهن”.
 

تتعرّض الفتاة المثلية للكثير من الضغوطات في بلدنا، فبينما يمكن أن تتعرض أية فتاة غيرية للمعاكسات، يكون حجم المضايقات للفتاة ذات المظهر الرجولي أكبر بعشر مرات. هذا هو واقع حياتنا هنا، لكن ذلك ليس المعضلةَ الأكبر التي تواجهها المثليّات في سوريا. Missing

تكمن المشكلة الأساس في عدم توفر وسيلة للاتصال والتواصل، فلا يوجد موقع تعارف الكتروني رسميّ تعرفه الفتيات المثليّات ويمكن أن يستخدمنه في سوريا، ولا نقاط تجمع والتقاء، على الرغم من استخدام الشباب المثليين السوريين لموقعٍ الكتروني للتعارف، هو موقع دوليّ، لكن جميع الشباب يعرفونه ويستخدمونه، لذلك كان من الأسهل عليهم أن يتصلوا ويتواصلوا.

“نحن موجودات في كل مكان”، هذا ما أخبرتنا به إحدى الفتيات المثليات، وقالت متابعةً أنّ “المشكلة أننا ننقسم فيما بيننا إلى مجموعات صغيرة وكثيرة، مما يزيد من صعوبة اتصالنا ببعضنا”. وهذا ما اتفقت عليه معظم الفتيات اللواتي قمنا بالاتصال بهنّ لإعداد هذا التقرير، فالانقسام إلى مجموعات صغيرة دون وجود أي وسيلة للاتصال هي إحدى المشكلات الرئيسية التي تواجه مجتمع المثليات في سوريا، لكن لا بدّ من وجود حلٍّ لها. 

يتم مؤخراً إنشاء مجموعات سرية على أكبر شبكة تواصل اجتماعي في العالم؛ الفيسبوك، وما يميّز هذه المجموعات أنها لا يمكن أن ظهر في نتائج البحث إن قمت بالبحث عن اسمها، حيث يجب على أحد أعضاء هذه المجموعات أن يضيفك إليها. 

صرحت إحدى الفتيات لموالح قائلة: “قمت بإنشاء حسابٍ وهميّ على الفيسبوك، ثمّ قامت إحدى صديقاتي المثليّات بإضافتي إلى أربع مجموعات سريّة خُصِصت جميعها للفتيات المثليات في سوريا”، وأضافت الفتاة التي رفضت نشر اسمها “لقد تخوفت للوهلة الأولى أن يكون من بين أعضاء المجموعة شباب غيريّون أنشأوا حسابات وهمية بأسماء فتيات بغرض التسلية والتحرش بالفتيات في المجموعة، لكنّ اتضح فيما بعد أن جميع الفتيات اللواتي يصل عددهنّ إلى 79 فتاة في المجموعة هنّ فتيات مثليّات، وعددهن في المجموعة يزداد باضطراد”. Missing Connection

على الرغم من ذلك، تتخوفُ بعض الفتيات المثليّات من لقاء فتيات مثلياتٍ أخريات ضمن هذه المجموعات السرية، الأمر الذي عبرت عنه فتاة ثنائيّة الجنس بقولها: “ماذا لو كانت الفتاة الأخرى متهورةً وطائشة، وقامت بالاتصال بأهلي لتخبرهم بتوجهي الجنسيّ؟ لذلك لا يمكنني الوثوق بفتاة لم ألتقيها من قبل، وهذا أمرٌ تتفهمه معظم الفتيات المثليّات”. 

لم تكن تلك هي الفتاة الوحيدة المتخوفة من أمرٍ كهذا، فمعظم الفتيات المثليّات أبدين ذات التخوف، لكنّ ذلك ليس بسبب خشيتهن على عائلاتهن إن تمّ كشف سرّ توجهاتهن الجنسيّة، بل بسبب خوفهن مما قد يتعرضن له من أذى إن حصل ذلك. 

تتشكل المبادئ الفكرية لمعظم العائلات السورية من مزيج من الدين والعادات والتقاليد، وبرغم وجود بعض العقليات والعائلات المنفتحة، إلا أن الغالبية ليست كذلك، وفي حين أن الاستقلال المادي والاستقرار بعيداً عن العائلة هو أمر يصعب أن تحققه المرأة السورية بشكل عام، تصبح فكرة الطرد من منزل العائلة هي الفكرة التي تخيف الفتاة المثليّة، لما قد يتلوه من تشرد وحاجة مادية، اللذين يعدان من أصعب الأمور التي قد يواجهها أيّ شخص في مجتمعنا. 

عدا عن التخوف من الطرد من منزل العائلة، هناك صراع آخر يعكر صفو حياة معظم الفتيات اللواتي ينتمين إلى عائلات محافظة، ألا وهو الزواج القسري، فهناك عدد كبير من الفتيات المثليّات اللواتي تم تزويجهن قسراً، وقد قالت لنا إحداهنّ: “إن ارتداء كل هذه الأقنعة لن ينجح إلا في قتل روحي”. إلا أن عدداً من المثليّات قد تصرفن بذكاء واستطعن أن يتزوجنّ من رجل مثليّ في محاولةٍ لتجنب مثل تلك المشكلات، لكنّ ذلك قد لا ينجح في جعل الحياة بالنسبة لهنّ أسهل. 

بالنتيجة، ليس التخوف من الفتيات المثليات الأخريات هو الحاجز الوحيد أمام مكاشفة الفتاة المثليّة وتصريحها بتوجهها الجنسيّ لهنّ، بل الخوف الحقيقي هو الخوف من المستقبل. لكن يجب عليهن أن يعرفن، أنّ الأمور ستتغير نحو الأفضل إن قمن بذلك. 

لوليا داوود وليلى ريحاني

Loulia.Dawood@gmail.com

Layla.Rihani@gmail.com

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه: