لا يمكن فصل رهاب المثلية الاجتماعي عن رهاب المثلية الديني بفاصل كبير، فمعظم ما يحرك مشاعر الناس تجاه المثلية هو بعض التقاليد والعادات الدينية، ممتزجة مع عادات وتقاليد اجتماعية، تتمحور في معظمها حول الذكورة، والشكل الذكوري في المجتمع، لذلك يكون رهاب المثلية الاجتماعي بارزاً بشكل كبير في المجتمعات الشرقية، ويزداد ظهوره ضمن فئات مجتمعية أصغر داخل المجتمع نفسه، خاصّةً تلك التي تعتمد على الصورة النمطية للرجل، كالمجتمع الرياضي على سبيل المثال.
في حين أن معظم مظاهر رهاب المثلية الاجتماعية تترافق مع مجموعة من الأقوال والأفعال التي تعتمد على العادات والتقاليد الدينية والاجتماعية، يزداد استخدام الحجج الدينية في التعبير عن مظاهر كراهية المثليين بين معظم الأفراد الذين يعتدون نفسياً أو جسدياً على المثليين، وفي الوقت ذاته، تزداد التعابير المهينة اجتماعياً بين طبقات الفئات المجتمعية الأصغر، حيث يمكن توجيه إهانات للشخص المثلي تتهمه بإضعاف أو زعزعة صورة ذلك المجتمع من خلال مثليته.
هناك دراسات عديدة تربط رهاب المثليّة الاجتماعي بنظرة الدين نحو المثليّة، لكنّها في ذات الوقت لا تعزوها بالكامل إلى تلك النظرة، حيث يربطون العنف ضد المثليّة الجنسية بين الذكور بالذكورية المجتمعية، فالشخص الذي يخشى من نعته بصفة مثلية، ويحاول الابتعاد عن وصفه بتلك الصفة، قد يلجأ إلى العنف ضد المثليين، كتعبير عن غيريته الجنسية في مجتمع محكوم بالذكورة والعلاقات الغيريّة والتنميط.
قد يسبب هذا النوع من المشاعر، نوعاً آخر من رهاب المثلية، يطلق عليه اصطلاحاً رهاب المثلية الداخلي أو ذاتي المنشأ، حيث يتحول الشخص المثلي إلى شخص رهابي، يعتدي جسدياً ولفظياً على غيره من المثليين، خوفاً من وصمه بالمثلية، في محاولة منه لنفي مثليته، التي يخشاها بسبب العادات والتقاليد المغروسة فيه، دينيةً كانت أو اجتماعية.
نفتقر في سوريا إلى دراسات علمية حول مسببات رهاب المثلية الاجتماعي الحقيقية، على الرغم من أن مظاهرها البادية للعيان تؤكد وثاقة ارتباطها بنظرة الدين للمثلية. فمن خلال اللقاءات التي عرضتها موالح في العددين السابقين، نلحظ أن استخدام الدين لقمع المثليين والاعتداء عليهم كان الصفة الأبرز في حالتي «م.ف» و«ز»، ولن يستطيع أحد التوسع في البحث في مسببات رهاب المثلية الاجتماعي دون أن تتاح الحرية لإجراء مثل هذه الدراسات عبر جهات تعليمية وأكاديمية مختصة، وهذا الأمر يستحيل حدوثه في ظل الأحداث التي تعصف في سوريا، كما يصعب إجراؤه في ظل تجريم القانون للمثلية.
سامي حموي
SyrianGayGuy@gmail.com
اترك تعليقًا