موالح في كل مكان

استطاعت موالح رغم عمرها القصير أن تصنع الخبر، استطاعت أن تكون محطّ أنظار الجميع، الذين دفعهم التساؤل والاستغراب إلى إرسال رسائل لنا يطلبون فيها إجراء لقاءات للكتابة عن المجلة والعاملين فيها. موالح منحت التوجه الجنسيّ المثليّ في سوريا صوتاً ومكاناً في كلّ مكان، في كلّ دول العالم.

كانت كلّ الأسئلة التي ترد إلينا ترد بنفس الطريقة، بنفس الترتيب، وعلى ذات الدرجة من الاستغراب والدهشة والذهول. لماذا “موالح”؟ لماذا الآن؟ وماذا تريدون؟

نريد وطناً يتسع لنا جميعاً، وطناً لا يلغينا، ولا يجرّم مثليتنا التي كانت وستبقى جزءاً هاماً من نسيجنا النفسي، التي ستبقى ناظماً أساسياً لعلاقاتنا وللطريقة التي نريد لحياتنا أن تسير وفقها، مثليتنا التي تجعلنا نحن، كما نحن، مواطنون سوريون كما كل المواطنين، نحب الوطن، ونريد أن نبقى فيه، بلا تمييز بلا اضطهاد، هذا ما نريد، وهذا ما نسعى إليه.

كتبت عنا صحف ومواقع إلكترونية عدّة، منها العربيّ ومنها الأجنبيّ، ومنها أيضاً “عكس السير” و”وطن”، موقعان سوريان الكترونيان، أحدهما يعمل من داخل سوريا، بينما يعمل الثاني من خارجها، كلاهما أوردا نفس الخبر بنفس الصيغة، وبعد تمعن، وجدنا أن “عكس السير” كان هو السابق لنشر الخبر.

أحد أصدقاء المجلة الذين نعتز بهم كتب معبّراً عن رأي يقول بأن الكتابة عنا من الخارج ليست أمراً جيداً. مع الاحترام له، إلا أن هذا الرأي بالٍ كما كل القناعات الفكرية التي بنيت على أسسٍ يراد منها تقنين الفكر وحجز الحريات، فالمجلة على الانترنت، ويستطيع أي شخص الكتابة عنها، ولم تكن المواقع السورية لتكتب عن المجلة لولا أنهم لاحظوا الاهتما الكبير بها، وكعادتهم دائماً، يأتون متأخرين كثيراً، متخلفين عن الجميع، فالإعلام في وطننا مقموعٌ مثلنا، نحن المثليين.

تمّت أيضاً مشاركة رابط المجلة على موقع الفيسبوك، في صفحات مختلفة التوجه، فسعدنا بوصول الصوت، وأذهلنا كمّ التعليقات التي استقطبتها “موالح”، تلك التعليقات التي رغم أنها كانت في مجملها تتمحور حول السب والشتم والإهانة، كما عادة السوريين، إلا أنها وضعت كلّ السابّين والشتامين أمام أصابعهم التي كانوا يختبؤون خلفها، وقالت لهم: في سوريا، أصبح للمثليين صوت، صوتهم اسمه “موالح”.

لماذا “موالح”؟ لأن الموالح في كل مكان، لأننا كما الموالح في كلّ مكان، لأنها كلمةٌ كثيرة الاستخدام، ونطمح أن تثير عند استخدامها فكرة المثلية الجنسية عند كل من يستخدمها، لأن السوريون يحبون الموالح، وعليهم أن يصلوا يوماً إلى مرحلةٍ يقبلوننا فيها، لأننا كالموالح، “الحياة من غيرنا ناقصة وبلا طعمة”.

أما السؤال عن الآن، فنحن نعتقد أننا تأخرنا، رغم أن كل من راسلنا قال لنا أنها خطوة كانت تستحق بعض التروي. لقد تروى السوريون آلافاً من الأعوام قبل أن يصدروا مجلة مثليّة، وأصبح من الهامّ الآن أن تعود سوريا كما كانت عبر التاريخ، وطناً للجميع، وأرضاً للموالح، خاصّةً في ظل ما يحصل من تطرفٍ واستئثارٍ بالرأي من جميع السوريين، الذي اتفقوا فجأةً على معاداة المثليّة، ليكشفوا لنا أنهم أكثر تشابهاً مما يعتقدون، وأننا أكثر تنوعاً مما يرغبون لنا أن نكون.

استطاعت موالح خلا عمرها القصير، أن تستقطب اهتمام الناس، واستطاعت أن تجتذب قراءً لها من خارج حدود الوطن، ليقرأها مثليون عرب، ويسأل عنها مثليون أجانب، لقد أصبحت موالح حديثاً للناس في كل مكان، ونحن نأمل يوماً أن نطبعها في سوريا، ونراها لدى باعة المجلات والجرائد، في كل مكان.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه: