كانت سميّة، ومع أنها مستمتعة بما يحصل بيننا، تشعر بالكثير من الذنب. كان شعورها بالذنب موجهًا نحوي. وكان سببه خلدون. لم تكن سميّة ترى في تصرفاتنا ما يشين، ولكن “خيانتها” لخلدون هي ما آلمها. كانت متقلّبةً دائمًا. كنا نخرج معه أنا وإياها في بعض الأيام، وكانت في أيام أخرى تقاطعه فلا يسمع عنها أي خبر.
سميّة من عائلةٍ فقيرة. فقدت أباها في عمرٍ مبكر بينما كان أخوها يسيء معاملتها. كان يضربها في معظم الأوقات. فقدت سميّة إيمانها بكل شيء، وباتت دائمة البحث، عما تبحث؟ لم تكن تدري. ولكنها كانت دائمًا تشعر بالضياع.
أصبحنا نتردد على بعضنا بتواترٍ أكبر. أزورها في بيتها، أو تزورني في بيتي، أو نلتقي في مقهى الإنترنت الذي كانت تعمل فيه. عرفتني على أهلها. أمها كانت امرأةً طيبة، وأكاد أجزم أنها كانت تعرف بميول ابنتها للفتيات، ولكنها كانت أبسط من أن تلاحقها أو تشكك في خياراتها. كانت منطقتها الشعبية مثار قلق أهلي. لم يكونوا يحبون أن أذهب إلى تلك المناطق الفقيرة والمختلفة عن حينا. ولو انني لم أكن أعطي بالاً لهذا الكلام، إلا أنه كان يترك انطباعاً في ذهني. كانت سميّة في بعض الأوقات تزورني لخمس دقائق فقط، تقبلني من وجنتي، ثم تطبع قبلة حارة على جبيني وتودعني ببعض القبل على شفاهي ثم تذهب. كنت أشعر بمشاعر متداخلة متأرجحة بين الروعة والارتباك. كنت قلقة!
أردنا أنا وهي أن نوسع دائرة معارفنا. كنا نريد أن يكون لنا صديقات مثليات نقضي معهن أوقاتنا، وكان الإنترنت وسيلتنا لذلك. تعرفنا على فتاة اسمها غادة من الشام. دعتنا غادة إلى القدوم إلى الشام حتى نتعرف عليها وعلى صديقاتها. تحمست للفكرة، وظنت سميّة أن السبب هو ذهابنا أنا وإياها معًا، ولكنني كنت أريد التعرف على نجود.
نجود هي فتاة شامية كنت قد بدأت الحديث معها من فترة لا بأس بها. كنا نتحدث على الإنترنت لساعات، وكنا نشعر بانجذاب لبعضينا، إلا أننا لم نصرح مرةً به. كنت أعرف أنني أبتعد بهذا عن سميّة، ولكنني كنت قد تعبت من التردد والحيرة المستمرة. ربما كان ما فعلته أنانيًا، وربما كان إنقاذًا لنفسي. أو انه ببساطة نهاية لعلاقة، وبداية لأخرى.
التقينا مع غادة في الشعلان، وكانت نجود من بين صديقاتها. تبادلنا أرقام هواتفنا، نجود وأنا، ومعها تبادلنا بعض النظرات الإيحائية. ربما شعرت سميّة بما كان بيننا، إذ عندما عدنا إلى غرفتنا في الفندق بدأت تتحدث عن نجود بطريقة موتورة، وتصاعدت نبرة الحديث حتى صرخت سميّة قائلة “أريدها علاقة مفتوحة”. نظرت في عينيها فلم أشعر بأي شيء، كأن الشرارة التي كانت بيننا لم تكن أصلاً. استجمعت شجاعتي وقلت لها “بل ننهي العلاقة!”.
عدنا إلى مدينتنا التي كانت تحت الحصار. كانت الأمور بيني وبين سميّة شبه منتهية. وكان نذير نهايتنا بشير بدايتي مع نجود. مرة كنا نتحدث على الهاتف عندما بدأ اشتباك بالرصاص في حي قريبٍ من حيّي فانفعلت نجود وانفعلت أنا وإذ بها تقول لي ما أردت سماعه. أنّبت نفسي أنني في تلك اللحظة لم أبادلها الكلمات..
ربما كنت مخطئة..
سرمد العاصي
Sarmadorontes@live.com
اترك تعليقًا