العيش في العلن – الإفصاح عن الميول الجنسية للآخرين

العيش في العلن (الإفصاح عن الميول الجنسية للآخرين) هو عملية معقدة ومتواصلة، والتي تستمر عادة مدى الحياة. في هذه المرحلة يطور الإنسان هويته الجنسية المثلية، الثنائية، أو المغايرة، وعليه أن يقبل نفسه وأن يدخل عوامل اجتماعية إلى هذه الهوية. عملية العيش في العلن تستمر مدى الحياة وذلك لأن مواجهة رهاب المثلية (الهوموفوبيا) الداخلية والاجتماعية ليست على غير رجعة ومواجهتها تتطلب الكثير من الوقت، وأيضاً لأن بيئتنا و الأطر الاجتماعية التي تخصنا تبقى على تغير مستمر بحيث تتطلب منا أن نفصح عن ميولنا الجنسية أمام الآخرين أيضاً.

الإفصاح عن ميولك الجنسية إمام نفسك

 المرحلة الأولى للعيش في العلن هي الإفصاح عن ميولك الجنسية لنفسك، أن تصبح لديك القدرة على الاعتراف بميولك الجنسية، سواءً كانت مثليةً أم ثنائيةً أم غيريّة، وبعدها تبدأ مواجهة الأمور المختلفة المتعلقة بالموضوع. نعيش جميعاً في مجتمع رهابيّ تجاه المثلية بحيث تتأثر مواقفنا من المثلية بمواقف المجتمع. في لحظة اعتراف الشخص بهويته الجنسية وبمشاعره أمام نفسه، تبدأ مرحلة مواجهة مواقفه الرهابيّة من المثلية تجاه نفسه وتجاه هويته الجنسية (مثلا الرفض الذاتي، الرحمة، الكراهية الذاتية) حتى يصل لمرحلة القبول الذاتي والفخر.

 العيش في العلن أمام الآخرين

 معظم الناس يفصحون عن ميولهم الجنسية للآخرين بعد أن وصلوا إلى درجة معينة من قبول هويتهم الجنسية واعترافهم بها. بعضهم يقوم بذلك نتيجة لصعوبة الاحتفاظ بالسر، ولا يريدون عيش حياتهم سراً وبعيداً عن الأنظار. آخرون يفصحون عن ميولهم الجنسية لأنهم يريدون أن يكونوا حقيقيين مع أهلهم وأقاربهم، وآخرون يفصحون عن ميولهم الجنسية كتعبير عن أهداف اجتماعية – لكي يشجعوا النظرة الاجتماعية الإيجابية عن المثلية. رغم ذلك، يخشى الكثيرون من الإفصاح عن ميولهم الجنسية لأقاربهم وأهلهم وأصدقائهم في مراحل حياتهم الأولى. وأحياناً، تكون هذه المخاوف مصحوبة بالخوف من الوحدة، الرفض، النبذ والتعذيب، العنف الجسدي، خسارة الدعم المادي والنفسي، إقالة من العمل، ابتعاد عن العائلة والمساس بالشريك. الإفصاح عن الميول الجنسية للآخرين ليست عملية سهلة وهي مصحوبة بمشاعر مختلفة لدى صاحب أو صاحبة الميل الجنسي المثلي ولدى الشخص الآخر. يتحدث الذين يمرون بهذه التجربة عن شعور بالخوف، شعور بالضعف، توتر وإحساس بأنهم ضحوا. ومن جهة أخرى، يشعرون بالارتياح والسعادة، ويفاجأون من رد فعل الشخص الذي أخبروه. يشعر الأشخاص الذين نخبرهم أحياناً بخوف، غضب، صدمة، عدم ارتياح، حيرة، اشمئزاز وعدم ثقة، لكن ينتابهم أيضا شعور بالإطراء والمفاجأة، وقد يدعمون ويبلغون من أفصح لهم عن ميوله الجنسية عن سعادتهم بسبب الارتياح الذي حصل هو عليه.

 العيش في العلن أمام الأهل

 في كل الأجيال، يكون التردد حول الإفصاح أو عدمه عن الميول الجنسية للأهل أمراً بالغ الصعوبة، لكنه يختلف لدى من هم في عمر المراهقة عن الشباب أو البالغين المستقلين. يتعقد الأمر لدى البالغين الذين يفصحون عن ميولهم الجنسية لعدة أسباب ومن عدة جوانب، وبالذات من الناحية الشعورية. إذا كنت بالغاً ولا تزال تقطن مع والديك أو إذا كنت لا تزال متعلقاً بهم مادياً، فيجدر بك الانتظار إلى أن تصبح مستقلاً عنهم (إلا إذا كنت متأكداً من رد فعلهم الايجابي). غالبا ما تكون الصعوبة ناتجة عن الرغبة بأن يتقبلنا أهلنا كما نحن وعن الخشية من الانكشاف الذي يمكنه أن يكون سبباً للإيذاء. معظم الأهل لا يحبون الأمر ويمكنهم أن يتصرفوا بشكل عنيف، لكن معظم الأهل يتعلمون كيفية تقبل أن ابنهم أو ابنتهم ليسا غيريّ الجنس.

 العيش في العلن في مكان العمل

 قبل الإفصاح عن ميولك الجنسية في مكان العمل أو في المدرسة، يجب أن تقوم بتقدير الوضع وتحديده. يجب أن يكون الاختيار مبنياً على الأمان الشخصي. فقد حدث وأن أقيل كثيرون بسبب إفصاحهم عن ميولهم الجنسية استناداً على أمور مختلفة، لذلك، قبل أن تعلن عن ميولك الجنسية في مكان العمل، تفحص الأمر والإمكانيات الواردة جيداً، فعدا عن الإقالة، يمكن أن تكون هنالك ردود فعل سلبية أخرى كالغيبة، والملاحظات المهينة،وقد يتحول مكان عملك إلى بيئة متوترة وغير مريحة. يجب على الجميع أن يراعوا أن الإفصاح عن الميول الجنسية يجب أن يوفر الراحة على المدى البعيد، لا أن يزيد من حدة مواجهة الموضوع، إذا التمست لدى بعض زملائك في العمل مواقف ايجابية بالنسبة لهويتك الجنسية، يجب أن تخبرهم قبل أن تخبر الآخرين. هكذا يمكنك أن تستشيرهم بالنسبة للخطوات التالية، لذلك يبقى الإفصاح عن هويتنا الجنسية منوطاً بالأشخاص والظروف.

شيرو أفندي