بعد الفظائع والجرائم التي وقعت خلال الحرب العالمية الثانية التي تلاها إنشاء الأمم المتحدة، تعهد المجتمع الدولي بعدم السماح على الإطلاق بوقوع فظائع من هذا القبيل، وقرر زعماء العالم إكمال ميثاق الأمم المتحدة بخريطة طريق تضمن حقوق كل فرد في أي مكان أو زمان.
أناطت الجمعية العامة للأمم المتحدة مهمة صياغة الشرعة الدولية لحقوق الإنسان إلى لجنة خاصة تكونت حينها من 18 عضواً برئاسة السيدة إليانور روزفلت، واشترك معها السيد رينيه كاسين من فرنسا، الذي وضع المشروع الأولي للإعلان، ومقرر اللجنة، السيد تشارلز مالك من لبنان، ونائب رئيسة اللجنة السيد بونغ شونغ شانغ من الصين، والسيد جون همفري من كندا، ومدير شعبة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الذي أعد مخطط الإعلان.
في العاشر من كانون الأول/ديسمبر عام 1948 عتمدت الجمعية العامة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في باريس، مع امتناع ثماني دول عن التصويت ودون معارضة أحد، وقد تحول ذلك الإعلان إلى أكثر الوثائق “عالميةً” بحسب ما يذكره موقع الأمم المتحدة، فقد تمت ترجمته إلى 380 لغة مختلفة.
احتفاءً بتلك المناسبة، أصبح العاشر من كانون الأول/ديسمبر هو اليوم العالميّ لحقوق الإنسان، ويتم الاحتفال بهذا اليوم عبر نشاطات ثقافية وتوعوية مختلفة، تقوم بها الأمم المتحدة، والمنظمات الحقوقية الأخرى، وقد كان شعار اليوم العالميّ لحقوق الإنسان لهذا العام هو “لصوتي قيمة” ، وقد اعتمدته المفوضية السامية لحقوق الإنسان للتعبير عن أهمية المشاركة في العمل السياسي من خلال التصويت والاقتراع لإحداث النغيير، وضمت فعاليات هذا العام نقاشات ولقاءات مختلفة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، من خلال “Twitter” و “Google+ Hangout”، التي تمت من خلالها مناقشة قضايا حقوق الأقليات وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بالإضافة إلى تأثير الأعمال التجارية على حقوق الإنسان ونقاش مفتوح مع السيدة نفانتيم بيلاي التي تشغل منصب المفوضة السامية لحقوق الإنسان.
كما أصدر مكتب الأمين العام للأمم المتحدة، السيد بان كي مون، رسالة خاصة باليوم العالمي لحقوق الإنسان، ورد فيها أن الأمم المتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان قد أحرزوا تقدماً ملحوظاً “على الطريق المفضي إلى مراعاة الجميع”، مع التشديد على أنه “كثيراً ما تعاق الأقليات الدينية والعرقية – فضلاً عن ذوي الإعاقة أو من لهم ميول جنسية أو آراء سياسية مختلفة – عن المشاركة في المؤسسات والعمليات الرئيسية. ويجب أن تمثل المؤسسات والحوار العام المجتمعات بجميع أنواعها”، وأضاف “تعد جماعات المجتمع المدني الناشطة من السبل الرئيسية لتحقيق الرفاه وحسن الأداء لأي بلد، ومن ثم فإن الأمم المتحدة تعرب عن استيائها للتدابير التي تتخذ لقمعها. وهذا هو السبب في أن الأمم المتحدة، في هذا الاحتفال بيوم حقوق الإنسان، تشدد على الحق في المشاركة والحقوق المرتبطة به التي تمكن من تحقيقه – ألا وهي حرية التعبير والرأي، والتجمع السلمي وتشكيل الجمعيات.”
يشار إلى أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يحتوي على ديباجة وثلاثين مادة، تشمل الحقوق والحريات البشرية الأساسية “التي ينبغي لها أن تكون متاحة، دون أي تمييز، لجميع الرجال والنساء في شتى أنحاء العالم”.
من الهام معرفة أن حقوق الإنسان لا تتجزأ، فعند المطالبة بالحقوق البشرية الأساسية أياً كانت، على الإنسان أن يعي جيداً عدم إمكانية غض النظر عن أي انتهاكٍ لأي حقٍ من الحقوق لأي إنسان آخر، وهنا تكمن أهمية التوعية والمناصرة وحشد الرأي العام تجاه قضية معينة مهما صغرت، فذلك يدلّ على الوعي والمعرفة والفهم الشامل لمعنى وأهمية حقوق الإنسان التي تعنى بمكانة الفرد وكرامته وحريته.
سننشر في هذا العدد النص الكامل للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، كما سنقوم بنشر الروابط التي تحتوي على أهم الموارد والمراجع الأساسية للمفوضية السامية لحقوق الإنسان.
سامي حموي
SyrianGayGuy@gmail.com
اترك تعليقًا