شركات الاتصالات دائماً ما كانت سباقة إلى التطوير والاختراع لوسائل تواصل جديدة، فمن السنترال، إلى الهاتف السلكي، إلى الهاتف اللاسلكي، إلى الهاتف النقال “الموبايل”، هذه النقلات النوعية تحمل بين طياتها طرق اتصال وعمليات لاسلكية تسمح بالقيام بتلك العمليات، التي كانت مستحيلة أو غير عملية في زمن استخدام الأسلاك. المصطلح “لاسلكي” مستخدم بشكل كبير في وسائل وأنظمة الاتصال القصيرة والبعيدة المسافة في هذه الأيام.
لسنا مضطرين إلى فهم مصطلح “لاسلكي”، أو ما يحدث وراء الكواليس، عند إرسال أي نوع من البيانات أو القيام بأي نوع من الاتصال، ولكن لن يضر أن نعلم بأن الشبكات اللاسلكية تعمل عن طريق أمواج الراديو، أو المايكرو وايف، أو الأقمار الصناعية، ولكن معظمها يستخدم أمواج الراديو. يمكن لهذه الشبكات الوصل بين الحواسيب،
وأجهزة الكومبيوتر المحمولة، والمُخدِمات، والطابعات. كل شبكة لاسلكية تتألف من محول أو كرت شبكة يتم تصميمه ليستقبل ويبث أمواج راديو محددة، يعمل هذا المحول أو الكارت كمستقبل هوائي أيضاً.
البيانات التي يتم إرسالها عبر هذه الشبكات، يتم تحويلها من شكل ثنائي (لغة الحاسوب، 0 – 1)، إلى أمواج راديو. وهذه الأخيرة يتم إرسالها واستقبالها من قبل محولات خاصة، والتي تحول الأمواج إلى لغة الحاسوب الثنائية لكي يفهمها. تستخدم الشبكات اللاسلكية ترددات الراديو التالية: 2.4 غيغا هيرتز أو 5 غيغا هيرتز. استخدام ترددات أعلى يسمح بإرسال بيانات أكثر. كل أجهزة الحاسوب تعمل على ترميز مُوحد بينها؛ وعلى هذا تتعامل مع جميع الشبكات اللاسلكية بمعايير 802.11 العالمية…
هذه العملية تحمل وبشكل مباشر تهديداً لكل من يستخدمها سواء على شكل شبكات منزلية، إنترنت، موبايل، هواتف…إلخ. فبَث كل هذا الكم الهائل من المعلومات لاسلكياً على تَردُد ما، يترك تلك المعلومات مَعروضة لأي شخص، ليستخرجها ويعيد “ترجمتها” أو استخدامها لغرض ما، أو ما يُسمى (سرقة الهوية لاسلكياً). عندما يتم أخذ تلك المعلومات أو “حصدها” يقوم الشخص بإعادة برمجة مُخدمهُ ليتجاوب بطريقة مُعينة مع هذه البيانات أو ما يسمى “عملية الاستنساخ الرقمي”. العديد من مواقع الإنترنت مخصصة لتعليم الناس هذه الأمور وكيفية القيام بها مع توفير البرامج والمعدات اللازمة لهذا الغرض.
يمكن استخدام هذه الترددات أيضاً للكثير من الأغراض الأخرى، كتحديد موقع من يستخدم تلك الاجهزة أياً كان وحيثُما كان، اعتماداً على التثليث، والتثليث هو عملية لتحديد موقع نقطة ما عن طريق قياس الزوايا الواصلة إليها من نقاط معروفة عند نهاية كُل خط مستقيم، يتم تحديد النقطة تلك على أنها النقطة الثالثة من المثلث مع وجود اتجاه معين وزاويتين معلومتين. لا يُمكن حجب عملية التثليث عن تحديد موقع أي شخص يعمل على أجهزة تبث أي إشارة لاسلكية مثل (موبايل، أو أنترنت، أو بطاقة ائتمانية، أو نوع من البطاقات التي تحتوي على أشرطة معدنية قابلة للمسح الضوئي)؛ كل تلك المعدات تصدر أمواج راديو يمكن تعقبها والكشف عن مكان صاحبها بدقة كبيرة ولا يمكن عدم السماح بذلك إلا بالتخلص من تلك المعدات أو جلب جهاز تشويش يعمل على نفس تردد تلك المعدات، وفي حالة تخص الجوالات يوجد أجهزة خاصة تدعى Jammers لحجب الإشارة.
تعمل تلك الأجهزة عن طريق بث إشارة راديو على نفس التردد التي يبثها الجوال؛ فالجوال يعمل على بث إشارتي راديو إلى البرج القريب منه، ذلك الجهاز يعمل على مقاطعة تلك الإشارات بالبث على نفس الموجة؛ فيعمل على قطع الاتصال بين البرج والجوال، تدعى هذه العملية “عملية الحرمان من الخدمة”. تمت تسميتها بهذا الاسم لأنها تستخدم لمنع استخدام الجوال في أماكن معينة مثل (السينما، دور العرض، أماكن الاجتماعات، وبعض الأماكن الأخرى)؛ ويمكن أيضاً استخدامه بشكل شخصي لمنع ارسال اي نوع من أنواع البيانات عن طريق الجوال؛ أو من الممكن استخدامه من قبل أطراف أخرى لمنع الاتصالات في منطقة معينة.
عندما يأتي الأمر إلى حماية أنفسنا من هكذا ممارسات، أجد أنه من الصعب جداً أو من شبه المستحيل على الأقل في الوقت الحالي، حماية أنفسنا من هكذا هجمات أو سرقات، إلا بالتخلص من تلك الأجهزة التي تبث تلك الأمواج والإشارات، واستبدالها في بعض الحالات بطرق اتصال قديمة الطراز، مثل الشبكات السلكية، والهاتف الأرضي، والنقود بدلاً من البطاقات الائتمانية… فلا يوجد أي ضمان على هذه الاجهزة عند استخدامها من عدم ارسالها أي نوع من أنواع البيانات الشخصية لشخص ما يكون جاهز لجمعها واستخدامها، وهذا مع احتمال كبير لتحديد مكان من يستخدم تلك الأجهزة. فلنكن حذرين في تعاملنا مع هذا النوع من الأجهزة ونقدر كم نحتاج إليها ونحدد كمية استخدامها بشكل لا يعرضنا إلى أي تهديد أو خطر.
نور معراوي
Sgayrights@gmail.com
اترك تعليقًا