لم أهتم يوماً بمصارحة الآخرين بميولي الجنسية، فهي بالنسبة إليّ أمر خاص، لكنني أيضاً لم أعد أستطيع ارتداء الأقنعة أمام الآخرين، لذلك أصبحت أصارح الآخرين بمثليتي عندما لا يعود هناك مفر من ذلك، خاصة بعد السؤال المعتاد عن الزواج، وغيره من الأمور التقليدية في مجتمعنا.
منذ مدة استضفت أحد الأصدقاء الغيريين في منزلي لبضعة أسابيع، وبالطبع أصبحت مصارحته بميولي الجنسية أمراً واجباً لأنني لا أستطيع ألا أتصرف على طبيعتي في منزلي، كما أن عملي على مجلة موالح، واتصالاتي بالمثليين لسؤالهم وإجراء اللقاءات معهم جعل من معرفته بمثليتي أمراً محتماً، على الرغم من قناعتي بأن هذا الصديق هو شخص تقليدي، قد يحتاج لوقت أطول بكثير من غيره لفهم الحالة المثلية، إلا أنه في ذات الوقت إنسان على درجة عالية من الحساسية والشفافية، الأمر الذي يجعل من مصارحته أمراً سهلاً وسلساً.
في مرحلة الإعداد لهذا العدد من موالح، أرسلت إليه طالباً منه أن يكتب عن المشاعر والأفكار التي راودته عندما صارحته بمثليتي، فأرسل إلي ما طلبت، مختتماً رسالته بكلمة أضحكتني كثيراً، فقد اختتم قائلاً “بشرفك خلي الاسم مستعار… يا زلمة موضوع صعب… انشالله يعجبك… سلام…” ولذلك، سأترككم مع كلماته، دون أن نذكر اسمه:
كنت في نقاش مع إحدى الصديقات وتحادثنا مطولاً عن مواضيع المثلية الجنسية ونظرة المجتمع إليهم ونظرتهم لأنفسهم، لم أكن أؤمن في البداية بوجود المثلية الجنسية، بل كنت أؤمن أن من يمارس الجنس المثلي سيتركه بعد أن يتزوج، لأن بيئتنا ترسّخ فينا أن المثلية الجنسية هي أمر “سيء وغير أخلاقي”، لكنني اكتشفت وقابلت أناساً خالفوا كل توقعاتي وما كنت أؤمن به.
لم تكن تلك التوقعات والإيمان تتمحور حول أن المثلية الجنسية هي مرض أو خلل نفسي، لكنني كنت أفترض أن طبيعة الكبت الذي يفرضه المجتمع على الشبان والفتيات على حد سواء، قد يؤدي إلى ممارسة البعض للجنس المثلي، لفترة مرحلية فقط، لكن تلك الأمور تتحول إلى مجرد تخيلات عندما تتعرف أكثر على البيئة المثلية، وتقوم بالتعامل معهم ومعاشرتهم.
صدمت في البداية بعد أن صارحني سامي حموي، وهو من أحد أعز أصدقائي، بمثليته، ولم أصدق ذلك في بادئ الأمر، وحاولت أن أقتع نفسي بعدم تصديق ذلك، بل عشت في حالة صدمة مؤقتة لبعض الوقت، حتى تمكنت في فهم أعمق للحالة ومحاولة تبريرها بكافة المبررات، لكنّ نظرتي النمطية تجاه المثليين تغيرت بعد أن صارحني بميوله الجنسية، وبدأ يشرح لي عن المثلية الجنسية، وهموم المثليين والمثليات ومخاوفهم.
لا أزال حتى الآن أحاول فهم الكثير، وأجهل الكثير عن المثلية الجنسية، لكنني بسبب احتكاكي الدائم بسامي أصبحت أحاول فهم المثلية الجنسية، إلا أنني أعتقد أنني وغير من الغيريين نحتاج إلى وقت طويل لفهمها بشكل أوضح، ومحاولة نبذ الكلمات والإيحاءات التي تزعج المثليين وتهينهم، فأنا حتى الآن لا أستطيع معرفة هذه الأمور بشكل واضح.
ما عرفته بشكل واضح أن معظم المثليين لا يستهدفون الغيريين ولا يحاولون تحويلهم إلى مثليين كما يشاع لدى الكثيرين، لكنني أيضاً اكتشفت أنهم ينظرون للشبان بالمجمل، كما أنظر أنا إلى الفتيات، علهم يستشفون مثلية لدى البعض منهم.
على الرغم من تغير نظرتي للمثلية، إلا أنني أخاف من المستقبل بعد أن عرفت أن أحد أعز أصدقائي هو مثلي الجنس، لأنني أخاف من نظرة بقية الأصدقاء والأهل وغيرهم ممن يعتبرون أن المثلية مرض أو أمر سيء، لكن ما يهم الآن هو أن نظرتي إلى سامي لم تتغير بعد معرفتي بمثليته، خاصة وأنه استطاع بعدها أن يظهر مشاعره وحنانه براحة أكبر.
سامي حموي
SyrianGayGuy@gmail.com
اترك تعليقًا