القانون في سوريا

للقانون مدلول خاص في الاستعمال العادي يقصد به كل مبدأ ثابت ومنتظم يجري وفقاً لقاعدة كلية عامة مضطردة ومستقرة يترتب عليه نتائج معينة وبهذا المعنى العام يستعمل لفظ قانون للدلالة على النظم التي تحكم الظواهر الطبيعية والاقتصادية والاجتماعية.

والمعنى الخاص للقانون يتخذ إحدى صورتين:

الأولى: عندما يطلق لفظ القانون على مجموعة القواعد القانونية التي تصدرها السلطة التشريعية لتنظيم أمر معين، كقانون العاملين الأساسي في الدولة وقانون تنظيم الجامعات.

الثانية: تتجلى بإطلاق لفظ القانون على مجموعة القواعد القانونية التي تنظم ناحية بأكملها من نواحي نشاط الفرد في المجتمع، وذلك كأن يقال القانون الدستوري والقانون المدني والقانون التجاري والإداري وما إلى ذلك.

القانون العام: عرف مونتسكيو القانون العام بأنه ذلك القانون الناظم للعلاقات القائمة بين الحاكمين والمحكومين، وهو مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات التي تكون الدولة طرفاً فيها باعتبارها صاحبة السلطة والسيادة، كتلك المتعلقة بتنظيم علاقة الدولة بغيرها من الدول، كالقانون الدولي العام الذي يعرف على أنه تنظيم علاقات أشخاصه المتبادلة، أي العلاقات بين الدول والمنظمات الدولية بعضها بعضاً.

القانون الدستوري: مجموعة القواعد القانونية التي تحدد نظام الحكم في الدولة، وتبين طبيعة السلطات العامة فيها، واختصاص كل منها، والعلاقات القائمة بينها، وتقرر ما للأفراد من حريات عامة وما عليهم من واجبات تجاه الدولة.

القانون الجزائي: مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن بيان الجرائم والعقوبات، وما يجب اتباعه من اجراءات تؤدي إلى متابعة المتهم ومحاكمته وتوقيع العقاب عليه إذا ثبتت إدانته ويقسم إلى قسمين:

قانون العقوبات العام: يتضمن القواعد والنظريات العامة التي تحكم التجريم والعقاب بغض النظر عن التفاصيل والظروف الخاصة بكل جريمة وعقوبتها، فتبحث مثلاً في شروط قيام المسؤولية الجزائية، وظروف الإعفاء أو التخفيف، وتطبيق القانون الجزائي من حيث الاشخاص أو المكان أو الزمان.

قانون العقوبات الخاص: يتضمن القواعد التي تبحث في كل جريمة على حدى، موضحة أركانها وصفاتها وصورها والعقوبة المقررة لها، كجريمة السرقة أو القتل أو التزوير وما إلى ذلك، وصدر هذا القانون بالمرسوم التشريعي رقم /148/ تاريخ 22/6/1949

القانون الخاص: هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم العلاقات القائمة بين الاشخاص العاديين سواء أكانوا أشخاصاً طبيعيين، أو اشخاصاً اعتباريين، أو بين الاشخاص العاديين والدولة لا بصفتها تقوم بخدمة عامة او تمثل السيادة والسلطة بل بصفتها شخصاً اعتبارياً يقوم بأعمال مادية كالتي يقوم بها الاشخاص الطبيعيين، كالقانون المدني وقانون الأحوال الشخصية والقانون التجاري وقانون العمل وما إلى ذلك.

ما هي آليات تعديل وإلغاء القوانين؟

 إن سن التشريع العادي “القانون” هو من اختصاص السلطة التشريعية التي يمثلها غالباً مجلس منتخب، وهو ما يطلق عليه في سوريا اسم مجلس الشعب، على أنه إذا كان الأصل هو أن تقوم السلطة التشريعية بسن التشريع العادي، إلا أن الدساتير تنص عادة على اشتراك رئيس الدولة مع السلطة التشريعية في هذه المهمة بما تعطيه من حق اقتراح القوانين أو الاعتراض عليها أو إصدارها.

ففي سوريا منح الدستور رئيس الجمهورية صلاحية المشاركة في العمل التشريعي في عدة حالات، حددتها المادة 113 من الدستور السوري الحالي بما يلي:

1- يتولى رئيس الجمهورية سلطة التشريع خارج دورات انعقاد مجلس الشعب، أو أثناء انعقادها إذا استدعت الضرورة القصوى ذلك، أو خلال الفترة التي يكون فيها المجلس منحلاً.

2- تعرض هذه التشريعات على المجلس خلال خمسة عشر يوماً من انعقاد أول جلسة له.

3- للمجلس الحق في إلغاء هذه التشريعات أو تعديلها بقانون، وذلك بأكثرية ثلثي أعضائه المسجلين لحضور الجلسة، على أن لا تقل عن أكثرية أعضائه المطلقة، دون أن يكون لهذا التعديل أو الإلغاء أثر رجعي، وإذا لم يُلغها المجلس أو يُعدلها عُدت مُقرة حكماً.

إلغاء القانون

يقصد بإلغاء القاعدة القانونية إنهاء سريانها وتجريدها من قوتها الإلزامية، سواء أكان ذلك نتيجة إحلال قاعدة جديدة مكانها، أو نتيجة الاستغناء عنها دون أن تحل مكانها قاعدة أخرى فلا يلتزم الأفراد بحكمها بعد ذلك، ولا يطبقها القاضي، ويزول على هذا النحو ما كان لها من وصف أنها مصدر رسمي للقانون في الموضوع الذي تناولته بالتنظيم.

والإلغاء يرد على مختلف القواعد القانونية أياً كان مصدرها الرسمي تشريعاً أم عرفاً أم ديناً، على أنه لما كانت الغلبة الآن للتشريع باعتباره أهم المصار الرسمية للقواعد القانونية، فإن البحث في الالغاء ينصرف عادة إلى إلغاء التشريع، خاصة وأنه عن طريق التشريع يجوز إلغاء قواعد قانونية وردت في مصادر رسمية غير تشريعية، لأجل ذلك كانت أهمية دراسة إلغاء القانون تنصرف عملياً إلى الغاء التشريع بالذات.

لقد نصت أغلب تشريعات دول العالم إلى أنه لا يجوز إلغاء نص تشريعي إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء، أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم، أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر ذلك التشريع قواعده.

ويلاحظ أنه من النادر أن يعيد المشرع تنظيم موضوع سبق أن نظمه بتشريع سابق دون أن يتضمن التشريع الجديد نصاً يقضي صراحة بإلغاء التشريع السابق.

وغالباً ما تعتبر عملية إصدار دستور جديد وقيامه بتنظيم الحالة السياسية للدولة تنظيماً كاملاً، بمثابة إلغاء تلقائي للدستور القديم، حتى وإن لم ينص الدستور الجديد صراحة على إلغائه.

 فإذن لا يعدل القانون إلا بقانون جديد أو بدستور جديد على سبيل الحصر.

 تم إنشاء المحكمة الدستورية العليا في سوريا للبت في دستورية بعض القوانين، فإذا قضت بعدم دستورية قانون أو مرسوم تشريعي، اعتبر لاغياً بأثر رجعي ما كان مخالفاً منهما لنصوص الدستور، ويعتبر كأن لم يكن وبالتالي لا يترتب عليه اي أثر، إلا أنه يحظر على المحكمة الدستورية العليا البت في دستورية القوانين التي تطرح على الاستفتاء الشعبي ويوافق عليها الشعب.

 وهناك ما يسمى الرقابة بطريقة الدفع، وتكون بطلب يتقدم به ذوو الشأن لاستبعاد نص قانوني يراد تطبيقه على دعوى مطروحة أمام القضاء، ولذلك فإن الرقابة بطريق الدفع الفرعي هي دائماً رقابة لاحقة، لأنه يفترض وجود دعوى مرفوعة أمام محكمة مختصة تسري عليها إحدى النصوص القانونية النافذة، فإذا قررت هذه المحكمة عدم دستورية هذا النص، قررت استبعاد تطبيقه دون إلغاء، وقرار الاستبعاد هذا لا يكون له حجية إلا بالنسبة لهذه الدعوى فقط، أي لا يلزم بقية المحاكم، كما أنه لا يلزم المحكمة نفسها في دعوى أخرى مماثلة، وقد أخذ الدستور الأمريكي، ودستور اليابان لعام 1946، ودستور البرتغال لعام 1933، بهذا النوع من الرقابة التي تختلف عن نظيرتها التي تسمى الرقابة عن طريق الدعوى الأصلية، والتي بمقتضاها يتم اللجوء إلى القضاء مباشرة للطعن بعدم دستورية التشريع بمعزل عن أي نزاع مطروح أمامه، فهي إذن رقابة سابقة، وتختلف الدول في صدد حق الطعن بعدم دستورية القوانين عن طريق الدعوى الأصلية، فقليل منها مثل ليبيا واسبانيا خولت الأفراد هذا الحق، أما اغلبيتها فقد حرمته على الفرد خشية إساءة استعماله، واكتفت بتحويله إلى بعض الهيئات العامة مثل النمسا وتركيا وإيطاليا، ويلاحظ أيضاً أن معظم الدول التي أخذت بأسلوب الرقابة القضائية بطريقة الدعوى الأصلية أنشأت محكمة خاصة لهذا الغرض تتمتع وحدها بحق البت في دستورية القوانين، وحكم المحكمة الصادر بالإلغاء ملزم لجميع المحاكم، ومن شأن هذا الإلزام أنهاء النزاع بصفة نهائية حول دستورية هذا القانون بما لا يسمح بإثارة النزاع من جديد.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه: