في دمشق

بدايةً، ككل مثليّة، كانت كلُّ فتاةٍ تشعر بالحيرة، والخجل، وأحياناً الخزي، لأنها تظنّ أنّ لا واحدةً مثلها هنا في سوريا، حتى أنّ بعضهنّ كنّ يخجلن حتى من محاولة معرفة ماهية ما يشعرن به، وكنّ يخجلن من إشباع رغباتهنّ، لذلك كانت حالهنّ تؤولُ دوماً نحو النتيجة الوحيدة المعروفة في مجتمعنا، أي الزواج، ليتحولنّ من فتياتٍ إلى آلاتٍ للجنس والإنجاب. 

اقتصرت محاولات كسر الحصار المفروض على المثليّات على من امتلكن الشجاعة، وحدها الفتاة الشجاعة هي من تمكنت من خلق بابٍ افتراضي على الانترنت، تتحاور عبره مع مثليّاتٍ من دولٍ أخرى، ومع مرور الوقت وانتشار المعرفة، استطعن أن يجدن وسائل للقاء، في دمشق، في سوريا. 

بعض الفتيات امتلكن الجرأة للتحدث للأخريات ولقائهنّ، مما خلق شبكةً صغيرة من المعارف، كان عدد الفتيات فيها قليلاً جداً، كما أنّهنّ كنّ أيضاً معروفاتٍ جداً من قبل الجميع. 

كبرت تلك الشبكة شيئاً فشيئاً بمرور الوقت، وولدت معها بعض المشاكسات التي كان فيها بعضٌ من الدراما، وكثيرٌ من الضحكات والمرح. 

أما المشكلات التي تواجهنا فتتمثل في مشكلتين أساسيتين تواجههما كل فتاة في عالمنا، أولاهما هي الدين الذي يبدأ أهالينا بغرسه فينا منذ الصغر، والذي يصبح جداراً كبيراً، من الصعب اختراقه، بل وحتى النفكير في اختراقه. أما المشكلة الثانية فهي الزواج، فهو ليس خياراًفي معظم الحالات، خاصةً أن بعض الفتيات يتم تزويجهنّ في سن الرابعةَ عشرة، قبل أن يعرفن ما يردنه في الحياة. 

عندما تعرف الفتاة ماهيتها وما تريد، وتقرّر تقبّله، تصبح كمن ترفض الحياة المفترضة المكتوبة عليها، متحديةً بذلك أهلها، ومجتمعها، لتصبح عرضةً لألسنة الناس، لذلك نجد أن معظم الفتيات يحلمن بالهجرة والسفر، خاصةً من يعشن علاقات حب وارتباط، لأن السفر هو الطريقة الوحيدة التي ستمكن أية فتاتين من امتلاك حياةٍ مشتركة مع بعضيهما. 

الاستقرار في حياةٍ مشتركة مع من تحبّ، هو حلمٌ بسيط لا يمكن لنا أن نحققه هنا. ما الذي يمكن أن تقوله أيةُ فتاة لأهلها؟ ما الذيسيحدث عندما تصبح في الثلاثين ويبدأ الناس بسؤالها عن سبب عدم زواجها؟ ما العذر الذي تستطيع أن تختلقه في كل مرةٍ يتقدم شابٌّ مجهولٌ لا تعرفه من قبل لخطبتها؟

مشاركة من صديقة مثلية