التغيير حتمي

“ما نحنا عايشين، مافي شي مأثر علينا، ليش لازم نفتح بواب نحنا مش قدها”

هذه هي الجملة التي أسمعها كجواب للسؤال الذي أطرحه على مجتمع المثليين في سوريا: «ليش بعدنا قاعدين، خلونا نعمل شي مفيد؟»، المجتمع السوري المثلي لا يعيش في حال جيدة، لكنه ليس في أسوأ الحالات ايضاً، فقليلاً ما نسمع عن اعتقالات لشباب أو فتيات من المثليين والمثليات، على الرغم من وجود المادة 520 في القانون السوري التي تقضي بأن «كل مجامعة على خلاف الطبيعة يعاقب عليها بالحبس حتى ثلاث سنوات»، وتستخدم لتجريم الجماع المثلي للذكور والإناث على حد سواء.

لا يقتصر الخوف بالطبع على الخوف من السجن، بل يتعداه إلى الخوف من نظرة المجتمع، والعواقب اللي سيتحملها الفرد، فإلى متى سنرضى بالواقع؟ إلى متى نقبل أن ينظر إلينا المجتمع بدونية؟ ماذاأقنعة عن حقوقنا؟ إنها حقوق الإنسان، فلماذا لا نطالب بها، لماذا نرضى أن نلبس أقنعة كل يوم؟ متى سنتعب من ارتداء هذا القناع ونخلعه؟ متى سنقول لا أريد ان أكون مجرد شخص يعيش الحياة ويرضخ لقوانين ونظرات مجتمع؟ إلى متى سنعيش تحت رحمة الحل الوسط، ونتنازل عن حقوقنا للآخرين ونقدمها لهم على أطباق من الفضة؟

تبدأ التبريرات اللامتناهية بكلمات مثل، «أنا عايش، وعندي حبيب، وبلبس اللي بدي ياه، وبسهر». لكن الجميع يغفل أن المجتمع لن يقف عن التطلب، فقد يبدأ بطلبات صغيرة كتغيير المظهر وطريقةالجلوس والكلام، لينتقل بعدها إلى طلب الزواج وتأسيس العائلة، وقد يطالب أحياناً بالالتزام الديني، فنبدأ بارتداء الأقنعة، وتبدأ حياتنا بالامتلاء بالأكاذيب التي نكذبها على أنفسنا وعلى المجتمع، فتصبح حياتنا النفسية عندها مريضة وبحاجة لجلسات طويلة كي نتمكن من العودة إلى طبيعتنا الحقيقية.

أما عندما نرفض هذه الطلبات، فسنصبح منبوذين، ونتعرض لعقاب المجتمع، فكثير منا ما تعرض للطرد من المنازل، الأمر الذي قد لا يشكل عقاباً كبيراً للشباب المثلي، لكنه حتميٌّ للإناث لأن البنت غير متساوية مع الشاب، فما يصح للشباب لا يصح للبنات. عدا عن أن العقاب المجتمعي قد يكون أكبر وأعنف بالنسبة للفتيات، كجرائم الشرف التي قد لا تسمعون بها، لانشغالكم بأموركم الشخصية، لكن هذا لا يعني أنها لا تحدث كل يوم.

قد لا نعرف أسباب العنف الأسري، لكن أحد أسبابه قد تعود الي هوية المرأة أو الرجل، فهنالك نساء تتعرضن للضرب المبرح من أهليهن أو أزواجهن بسبب المثلية، كما أن هنالك رجال يتعرضون للضرب المبرح من ذويهم لذات الأسباب. كما أن هنالك نساء ورجالاً مسجونون في بيوتهم بسبب هويتهم الجنسية، عدا عن رجال ونساء تحتبسهم أجسادهم. قهل ستقف مكتوف اليدين عند رؤيتك لحالة مشابهة، أم أنك قد تركت إنسانيتك لتختبئ خلف أحد الأقنعة؟

هنالك ما يقرب من مائة وثمانين عضواً في الصفحة “المرصد السوري لأخبار المثليين» لكن 90% منهم يختبؤون خلف حسابات وهمية، ولا يشاركون في أي شيء. قد لا تطالب الصفحة بالتغيير، بقدر ما تقدم الأخبار في سوريا والعالم العربي والعالم، لكنه لأمرٌ محزن أن يعيش 90% منا خلف أقنعة، حتى على الفيسبوك.

أكتب لكم هنا لأنني أريد ان اكون مشاركة في التغيير، أريد أن أغير واقعي وواقعكم، لأنني أؤمن بالتغيير.

ما أطلبه منك هو أن تشجع وتشارك دون أقنعة، ألا تكون اسماً كاذباً أو حساباً وهمياً أو مجرد رقم، ما أطلبه منك هو أن تكون شخصاً فاعلاً بكامل قدراتك العقلية والجسدية، لأن التغيير الحتمي هو عن طريقك أنت.

موالح | ليلى ريحاني
Layla.Rihani@gmail.com

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه: